الميدان الرياضي : أزمة في الأردن!
التاريخ : 2017-12-19

أزمة في الأردن!

فوزي حسونة 
قدمت كرة القدم الأردنية عبر مساحة زمنها الممتد منذ عقد الأربعينيات من القرن الماضي، الكثير من المواهب التي استطاعت تأكيد حضورها القوي والبهي، واستحوذت على إعجاب الجماهير والمتابعين، لكن هذه المواهب اعتزلت، وتركت لمحبيها الذكريات الحلوة، دونما أن يفلح القائمون على الفرق ، بانتاج من هم بموهبتهم وقدراتهم .

وهذه المواهب التي أفنت سنوات عطائها في الملاعب الأردنية، يبدو أنها ما عادت تتكرر، وبالأخص في مركز صناعة الألعاب، وهو مثار حديثنا هاهنا.

لقد أصبح مركز صانع الألعاب، شاغراً عند كثير من الفرق الأردنية وأنسحب الأمر على المنتخبات الوطنية، مما أحدث خللاً مؤثراً في المنظومة الكروية لديها.
 

ونتذكّر أن الفرق والمنتخبات الأردنية بالزمن الماضي كانت مشبعة بمواهب قادرة على القيام بدور صانع الألعاب، وبخيارات بشرية متنوعة من اللاعبين، لكن في الوقت الحاضر، لم نعد نجد لاعباً قادراً على ملء هذا المركز ويعطيه حقه، كما فعل من سبقه من اللاعبين الموهوبين.

ولم تأت الكرة الأردنية حتى اليوم، بلاعبين من طينة المواهب السابقة التي شغلت مركز صانع الألعاب بفنها ورؤيتها، كراتب الداوود وتوفيق الصاحب وصبحي سليمان وابراهيم سعدية ورأفت علي وحسونة الشيخ والقائمة تطول، وهي مسألة تتطلب النقاش للخروج من نفق هذه الأزمة المقلقة.

وتعتبر وظيفة صانع الألعاب أحد أهم وظائف اللعب بكرة القدم، والتي لا يمكن تعويضها أوالإغفال عن أهمية دورها.

وصانع الألعاب هو بمثابة "دينمو" الفريق، فإن تحرّك ، حرّك المنظومة بأكملها ، وإن توقف، فقد الفريق ترابطه، وقدراته الهجومية.

وصانع الألعاب هو "قلب" الفريق، وبجعبته أغلب "الحلول" سواء بالتمرير أو التسديد ، فهو من يتحكم بمسار ورتم الهجمات، ويربط الخطوط، ويغذي المهاجمين بالكرات الماكرة والباهرة، ويحرز الأهداف، لما يتمتع به من فطنة ومهارة وإبداع لحظي وحدس خرافي ورؤية فنية، وهي أدوار لم تعد متوفرة بمعظم لاعبي الفرق الأردنية.

واختفاء صُنّاع الألعاب عن الفرق الأردنية، كان له تأثير سلبي واضح على طريقة لعب الفرق وأسلوبها، ونتائجها في المباريات، مما غيّب الكثير من متعة وسحر أدائها الذي عُرفت به في سنوات خلت.

ومن أبرز الدلائل على أن الكرة الأردنية أصبحت تفتقد لصنّاع الألعاب الحقيقيين، أن فرق المقدمة تحديداً وحتى المنتخبات، باتت تعتمد على الأطراف في بناء هجماتها كخيار هجومي رئيس ، وكأنه الحل الوحيد الذي يملكه المدربين لمعالجة افتقادها للاعبين يمتلكون مواصفات صانع الألعاب الحقيقي داخل المستطيل الأخضر.

ولا يُخفى على أحد بأن كرة القدم الأردنية، قدمت لنا في العصر الحديث لاعبين موهوبين كمصعب اللحام وموسى التعمري ومنذر أبو عمارة ويزن ثلجي ، لكن الأزمة تتمثل بأنهم جميعاً لا يشغلون بالأصل مركز صناعة الألعاب.

ذلك الواقع، يقودنا إلى خلاصة مفادها أن أزمة مركز صانع الألعاب في الأردن، تفرض على خبراء ومدربي الكرة الأردنية، ألّا ينتظروا الصدفة أو الزمن لتقودهم إلى هذه المواهب، بل لا بد من الإجتهاد والمثابرة والعمل منذ اليوم على استخراجها، فهي موجودة في المدارس والحواري، لكنها بحاجة لعين خبير يلتقطها.. ومدرب كبير يأخذ بيدها.

* ومضة: إذا أردت الحصول على بطولات، فمن باب أولى أن يكون لديك صانع ألعاب.
عدد المشاهدات : [ 11330 ]
   
الإسم
البريد الإلكتروني
نص التعليق
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط ،
ويحتفظ موقع ' الميدان الرياضي ' بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أو خروجا عن الموضوع المطروح ، علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .